سيره القديس بيجول القس
صفحة 1 من اصل 1
سيره القديس بيجول القس
سيره القديس بيجول القس
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
+ سيرة القديس الشهيد العظيم أنبا بيجول القس +
+ بيجول : كلمة معناها شهد عسل أو موجُ أو الوشاح
لم يُفسح لنا التاريخ مجالاً للبحث عن حياة الأنبا بيجول القس الشهيد لقلة المصادر وندرتها فلا نعرف عن حياته قبل الاستشهاد سوى أنه :-
كان كاهنا لله العلي في بيعة صغيرة علي طرف مدينة تله ناحية الغرب من مدينة المنيا الحالية , وكان حقاً رجلاً فاضلاً وقوراً متصفاً بالبر والقداسة . عاملاً في كرم الرب بكل أمانة واشتياق باذلاً أقصي جهده . متذكراً كلمات الرب يسوع " أبي يعمل حتي الآن وأنا أيضاً أعمل …. " ( يو 5: 17 ) .
ولما أصدر الملك دقلديانوس أوامره بغلق البيعة ومنع ممارسة الأسرار وتقديم العبادة للرب يسوع , فلم يلتفت إلي هذه الأوامر ,
وكان يطوف علي المؤمنين ليلاً في بيوتهم خلسة ويعرفهم بأنه سيقيم الأسرار ليلاً في تلك البيعة حتي لا يشعر بهم أحد من جنود الملك وكان كثيرون يأتون إليه منهم القديسين " أرنا و كارينا " من مدينة طحا , والقديس بيفامون الجندي والقديس بيجول الجندي ادلشهيد وأخته ثيؤدورا ووالده وأمه , وهكذا كل أسبوع يقيم الأسرار الإلهية سراً , وكان يقضي يومه في صلوات وتضرعات من أجل الذين في السجون والذين يعذبون علي اسم المسيح وكان يصلي كثيراً مشتهياً أن يعطيه الله هذه النعمة العظيمة وينال إكليل الإستشهاد من أجل الإيمان بالسيد المسيح ولما علم القديس بأن القديسين بيجول الجندي و بيفامون الجندي وآخرون قد تم القبض عليهم وأودعوهم في سجون الإسكندرية يعذبون علي اسم السيد المسيح , قام لوقته ليفتقدهم ويشدد قلوبهم , فذهب إلي الإسكندرية .
في الإسكندرية
ولما وطئت قدماه المدينة , وجد الوالي في مجلس الحكم . يعذب القديسين , ويستميل قلوبهم لعبادة الأوثان فتحرك في قلبه شوقه للإعتراف بأسم السيد المسيح ونيل إكليل الشهادة , فصلي إلي الله الرحوم أن يثبت عزمه , ويقوي تلك الشهادة المقدسة في قلبه حتي لا يضعف قلبه أمام الوالي . وفي ذات الوقت بدأ الوالي يطلب من الجنود أن يعذبوا القديسين , فلم يحتمل هذا الأب القديس تلك المناظر البشعة فصرخ قائلاً :- " الويل لك أيها الوالي أرمانيوس حتي متي تعذب عبيد الله العلي " فأمر الوالي أن يمسكوا به ويأتوا به إليه ولما وقف الأب القديس أمامه أخذ الوالي يكلمه بكلام مخادع فصرخ أنبا بيجول القس في وجهه قائلاً :
" ما هذه الخديعة وما هذا القول الذي تقوله إعلم أنه ليس في السماء ولا علي الأرض إلا إله واحد يـسـوع الـمـسـيـح الذي ينبغي له وحده الإكرام والسجود " .
فأمر أن يُأخذ إلي السجن وحدث في اليوم التالي أن جلس أرمانيوس في مجلس الحكم وأمر قواده وجنوده أن يأتوا إليه بآلهة الملك وجعلها في وسط المدينة وأن يأتوا إليه باثني عشر عموداً من المرمر مكتوب عليها أسماء الآلهة ويضعوها فوق مائدة ذهبية ثم أمر جنوده أن يطوفوا أنحاء المدينة ويأتوا بجميع من يصادفونه من المسيحيين ليسجدوا للآلهة فذهب جنوده ليفعلوا كما أمرهم فجمعوا أكثر من أربعمائة نفس وكان من بينهم أُناس أراخنة من مريوط فأودعوهم السجون فقام الأب القديس بيجول يعظهم ويثبت أيمانهم ويعدهم بالنصيب الصالح الذي لن ينزع منهم كوعد الله الصادق و الأمين وقادهم في تسابيح وصلوات وتضرعات إلي الله القدير وأمه القديسة العذراء مريم ورئيس الملائكة الجليل ميخائيل وهكذا قضوا تلك الليلة في السجن متهللين فرحين بالرب يسوع .
وفي الصباح أمر الوالي أن يأتوا بمن في السجون من المسيحيين لموضع الآلهة ليسجدوا لها وكان بينهم الأب القديس بيجول فتكلم معهم الوالي بكلام مخادع قائلاً :
" أنتم أناس موقرين وحكماء ومحبوبين من جميع الشعب . وأنا اليوم أشتهي أن تسمعوا لأوامر الملك وتسجدوا للآلهة وسأجزل لكم العطايا والكرامات " .
فقام الأب بيجول وصرخ بأعلى صوته :
" حتي متي أيها الوالي تخدع عبيد الله بكلامك إن آلهتك هذه هي صنعة أيدي بشرية فكيف تأمرنا أن نسجد لما تصنعه أيدينا " .
فقال الوالي أرمانيوس : " لما تقول أنها صنعة الأيدي " , فقال الأب القديس بيجول : " إن النبي داود يقول في المزمور " إن آلهة الأمم ذهب وفضه صنعه الأيدي "
(مز135: 15) . فمن أجل ذلك أيها الوالي لا يحق لها السجود " . فأمر الوالي بغيظه الجنود أن يجلدوه ويودعوه السجن . فأخذه الجند بعد جلده ومضوا به إلي السجن وفيما هم سائرون به إذ بأعمى جالساً في السوق يتصدق . فلما قربوا منه قال له بعض الناس أيها الرجل إسأل ذلك الإنسان المساق إلي السجن واطلب منه شفاءك فهو قادر علي ذلك فلما سمع الأعمى هذا صرخ قائلاً : " أناديك بأسم إلهك العظيم أيها القديس أن تسأله عنى لينعم لي بنور البصيرة " . وبقي هكذا متشبثاً بالقديس , وازداد صياحاً . فتقدم إليه الأب القديس بيجول ورشمه بعلامة الصليب علي عينيه , وصلي إلي الله قائلاً :
" بأسم الآب والابن والروح القدس إله واحد .. أيها النور الحقيقي الذي يضئ لكل إنسان في العالم , يا من أتيت نوراً للبشر , أنعم علي عبدك المسكين هذا ليري نورك , وافتح عينيه ليبصر عجائب خليقتك , وليتمجد اسمك القدوس أمام هذه الجموع "
وما أن قال هذا حتي سقطت من عيني الأعمى غشاوة وانفتحت عيناه , فصرخ يمجد الله . فلما نظرت الجموع ما كان مجدوا الله وكثيرون آمنوا بإله الأب بيجول . أما الأب القديس فمضي مع الجنود إلي السجن وتبعه ذلك الإنسان الذي انفتحت عيناه . فلما عاين بقية القديسين الذين في السجن ذلك الإنسان مجدوا الله وتقووا وأحبوا سفك دمائهم من أجل اسم المسيح , وقضوا ليلتهم في تسبيح وتمجيد الله القدوس . ولما كان صباح اليوم التالي موافق اليوم الثالث من أمشير جلس أرمانيوس الوالي في ساحة الإسكندرية , وأمر بإحضار الأب بيجول إليه . فلما مثل أمامه قال له : " قد سمعت بالأمس كيف صنعت سحراً عظيماً في المدينة وفتحت عيني رجل أعمي , وآمن بك كثيرون من جهلاء القوم في المدينة , وعلي الرغم من ذلك , سأغفر لك كل ما فعلت إن سجدت للآلهة أمامي وبخرت لها "
فقال له الأب القديس : " إعلم أيها الوالي أنني لم أفعل سحراً بل توسلت إلي الله الرحوم القادر علي كل شئ الصانع كل الموجودات لينعم لذلك الرجل الأعمى بنور البصيرة وهكذا لم آتي بشئ من عندي ولم اصنع شئ بذاتي بل بنعمه الله أقدر علي كل شئ إذ أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوات العدو وكل شئ نفعله بأسمه يكون لنا , وأنني لست أحسب نفسي شيئاً حتي يؤمن بي جمع كهذا بل أن نعمه الله حركت قلوبهم فآمنوا به وليس بي وبأعمالي . وهكذا أيها الوالي نحن ندين بالولاء لإلهنا يـسـوع الـمسـيـح القادر علي كل شئ , ولست مستعد أن أخالف وصيته المقدسة التي تقول :
" للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( تث 6 : 13 ) , ( مت 4 : 10 ) . وأسجد لتلك المنحوتات أو أقدم لها البخور .
فصرخ الوالي في جنوده أن يعذبوه عذاباً شديداً , فهجم عليه جماعة من الجنود وتفننوا في تعذيبه بكل قواهم حتي رثي له جميع الواقفين . ورق قلبهم عليه من شده الآلام وبكوا من لأجله كثيراً . أما الأب القديس فكان يتحمل كل ذلك في صبر وشجاعة وكان يردد بأعلى صوته " إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي " ( مز 23 : 4 ) . " الرب نوري وخلاصي ممن أخاف الرب عاضد حياتي ممن أرتعب " ( مز 97 : 1 ) . " من سيفصلنا عن محبة المسيح . أشدة أم ضيق . أم اضطهاد . أم جوع أم عري . أم خطر . أم سيف . كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار ... ولكن في جميعها ليعظم انتصارنا بالذي أحبنا " ( رو 8 : 35 – 37 ) .
فلما رأي ذلك أعوان الوالي أشاروا عليه أن يكف عن تعذيبه ويمضوا به إلي السجن حتي يتشاوروا فيما بينهم عما يستطيعون أن يصنعوا به لأنه ساحر عظيم القوة . فأخذه الجنود وأودعوه السجن فقام جميع القديسين الذين بالسجن للقائه في عناق حار وقلب مشتعل بمحبة المسيح , ووقفوا يصلوا جميعاً شاكرين الله علي عنايته الفائقة بأحبائه المؤمنين به وروي لهم القديس ما كان من الوالي وكيف تمجد الله معه أمام الحاضرين .
وهكذا كل يوم كان الوالي يستدعيه من السجن ويتفنن في تعذيبه . وكان الله يتمجد معه ويقيمه من شدائده صحيحاً معافى من كل ضرر .
رؤية المسيح وأمجاد السماء
فيما كان الجنود يعذبوه تطلع إلي السماء وصلي إلي الله . وإذ هو يصلي رأي السماء مفتوحة أمامه وأراه الرب الموضع الذي سيذهب إليه وسمع صوت كالقيثارة يقول له
" افرح أيها الكاهن الأمين تشدد وتقوي فاليوم كتب اسمك في عداد الشهداء القديسين وستكون في موضع الأبرار إلي الأبد افرح أيها القس الشجاع الذي ثبت علي الأيمان اليوم ستدخل إلي الفرح المعد لك وتأخذ إكليل الجهاد علي اسمي وإكليل الكهنوت غير المضمحل ولن يمحى ذكرك إلي الأبد ها أنا معك لا تخف أنا أعينك " .
فتعجب الوالي من تحمل القديس لهذا العذاب لأن الرب كان يحمله عنه فعاد الوالي وأمر أن يوضع علي سرير من حديد ويؤتي بحجر كبير ويوضع فوق بطنه من باكر النهار حتي الساعة السادسة ثم عاد فأمر بأن يُعلق علي عامود مرتفع والحجر فوق بطنه مربوط ففعلوا كذلك ولم يبدي القديس أي علامة للألم إذ كان متهللاً بما رآه وسمعه . كان يتلو المزامير بقوة : " اشكروا الرب لأنه صالح وخير ولأن إلي الأبد رحمته " (مز 136 : 1 )
فاغتاظ الوالي منه جداً وأمر أعوانه أن يقطعوا الحبل لكي يقع فيسحقه الحجر علي الأرض ولكن بقوة إلهية تمجد الرب يـسـوع الـمـسـيـح إذ إنحل الحجر من علي بطنه ونزل علي الأرض قائماً علي قدميه ولم يصبه ألم , ووقع الحجر بعيداً .
فتعجب كل الحاضرين وهتفوا بتمجيد إله القس بيجول الذي نجاه من الموت الأكيد , وهكذا اندهش الوالي من ذلك المنظر العجيب الذي حدث وقال للأب القديس في هياج وثورة : " اسمع مني الآن لتخلص نفسك و إلا سآخذ رأسك بالسيف " . حينئذ تهلل الأب القديس بيجول وصرخ في الوالي أمام الجمع قائلاً :
" الآن قد كمل فرحي وتممت كهنوتي في أيامك فإن لي اليوم أربعين سنه أخدم الرب لأجل هذه الساعة " .
ثم جثا علي ركبتيه وبارك الله قائلاً :
" مبارك الرب الإله الذي جعلني مستحقاً لتلك الساعة ... مبارك أنت يا إلهي , يا من تعطينا فوق ما ندرك وأكثر مما نستحق مباركة هي تلك الساعة التي سأنضم فيها إلي آبائي , أسالك أيها الرب يسوع أن تقبل روحي ذبيحة حب علي مذبحك المقدس , وأكون قد أرضيتك في أيامي وأقف أمام منبر ابنك الوحيد بلا لوم وأسالك من أجل إخوتي الذين يكملون جهادهم علي اسمك القدوس أن تؤازرهم بنعمتك حتي يتمموا سعيهم ويرثوا الحياة الأبدية . ثم تلا الصلاة الربانية وتقدم إلي الوالي الذي أمر أن تؤخذ رأسه بحد السيف أمام الجميع وكان ذلك وقت الساعة التاسعة من النهار فتهلل القديس وبارك الله قائلاً :
" مبارك أنت يارب يامن أعطيتني أن أموت في ذات الساعة التي أسلمت فيها روحك علي الصليب وجعلتني مستحقاً لميراثك الأبدي " .
وتقدم إلي السياف الذي أخذ رأسه ونال إكليل الشهادة , وصعدت روحه الطاهرة إلي فردوس النعيم محمولة علي أيدي صفوف الملائكة القديسين
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
+ سيرة القديس الشهيد العظيم أنبا بيجول القس +
+ بيجول : كلمة معناها شهد عسل أو موجُ أو الوشاح
لم يُفسح لنا التاريخ مجالاً للبحث عن حياة الأنبا بيجول القس الشهيد لقلة المصادر وندرتها فلا نعرف عن حياته قبل الاستشهاد سوى أنه :-
كان كاهنا لله العلي في بيعة صغيرة علي طرف مدينة تله ناحية الغرب من مدينة المنيا الحالية , وكان حقاً رجلاً فاضلاً وقوراً متصفاً بالبر والقداسة . عاملاً في كرم الرب بكل أمانة واشتياق باذلاً أقصي جهده . متذكراً كلمات الرب يسوع " أبي يعمل حتي الآن وأنا أيضاً أعمل …. " ( يو 5: 17 ) .
ولما أصدر الملك دقلديانوس أوامره بغلق البيعة ومنع ممارسة الأسرار وتقديم العبادة للرب يسوع , فلم يلتفت إلي هذه الأوامر ,
وكان يطوف علي المؤمنين ليلاً في بيوتهم خلسة ويعرفهم بأنه سيقيم الأسرار ليلاً في تلك البيعة حتي لا يشعر بهم أحد من جنود الملك وكان كثيرون يأتون إليه منهم القديسين " أرنا و كارينا " من مدينة طحا , والقديس بيفامون الجندي والقديس بيجول الجندي ادلشهيد وأخته ثيؤدورا ووالده وأمه , وهكذا كل أسبوع يقيم الأسرار الإلهية سراً , وكان يقضي يومه في صلوات وتضرعات من أجل الذين في السجون والذين يعذبون علي اسم المسيح وكان يصلي كثيراً مشتهياً أن يعطيه الله هذه النعمة العظيمة وينال إكليل الإستشهاد من أجل الإيمان بالسيد المسيح ولما علم القديس بأن القديسين بيجول الجندي و بيفامون الجندي وآخرون قد تم القبض عليهم وأودعوهم في سجون الإسكندرية يعذبون علي اسم السيد المسيح , قام لوقته ليفتقدهم ويشدد قلوبهم , فذهب إلي الإسكندرية .
في الإسكندرية
ولما وطئت قدماه المدينة , وجد الوالي في مجلس الحكم . يعذب القديسين , ويستميل قلوبهم لعبادة الأوثان فتحرك في قلبه شوقه للإعتراف بأسم السيد المسيح ونيل إكليل الشهادة , فصلي إلي الله الرحوم أن يثبت عزمه , ويقوي تلك الشهادة المقدسة في قلبه حتي لا يضعف قلبه أمام الوالي . وفي ذات الوقت بدأ الوالي يطلب من الجنود أن يعذبوا القديسين , فلم يحتمل هذا الأب القديس تلك المناظر البشعة فصرخ قائلاً :- " الويل لك أيها الوالي أرمانيوس حتي متي تعذب عبيد الله العلي " فأمر الوالي أن يمسكوا به ويأتوا به إليه ولما وقف الأب القديس أمامه أخذ الوالي يكلمه بكلام مخادع فصرخ أنبا بيجول القس في وجهه قائلاً :
" ما هذه الخديعة وما هذا القول الذي تقوله إعلم أنه ليس في السماء ولا علي الأرض إلا إله واحد يـسـوع الـمـسـيـح الذي ينبغي له وحده الإكرام والسجود " .
فأمر أن يُأخذ إلي السجن وحدث في اليوم التالي أن جلس أرمانيوس في مجلس الحكم وأمر قواده وجنوده أن يأتوا إليه بآلهة الملك وجعلها في وسط المدينة وأن يأتوا إليه باثني عشر عموداً من المرمر مكتوب عليها أسماء الآلهة ويضعوها فوق مائدة ذهبية ثم أمر جنوده أن يطوفوا أنحاء المدينة ويأتوا بجميع من يصادفونه من المسيحيين ليسجدوا للآلهة فذهب جنوده ليفعلوا كما أمرهم فجمعوا أكثر من أربعمائة نفس وكان من بينهم أُناس أراخنة من مريوط فأودعوهم السجون فقام الأب القديس بيجول يعظهم ويثبت أيمانهم ويعدهم بالنصيب الصالح الذي لن ينزع منهم كوعد الله الصادق و الأمين وقادهم في تسابيح وصلوات وتضرعات إلي الله القدير وأمه القديسة العذراء مريم ورئيس الملائكة الجليل ميخائيل وهكذا قضوا تلك الليلة في السجن متهللين فرحين بالرب يسوع .
وفي الصباح أمر الوالي أن يأتوا بمن في السجون من المسيحيين لموضع الآلهة ليسجدوا لها وكان بينهم الأب القديس بيجول فتكلم معهم الوالي بكلام مخادع قائلاً :
" أنتم أناس موقرين وحكماء ومحبوبين من جميع الشعب . وأنا اليوم أشتهي أن تسمعوا لأوامر الملك وتسجدوا للآلهة وسأجزل لكم العطايا والكرامات " .
فقام الأب بيجول وصرخ بأعلى صوته :
" حتي متي أيها الوالي تخدع عبيد الله بكلامك إن آلهتك هذه هي صنعة أيدي بشرية فكيف تأمرنا أن نسجد لما تصنعه أيدينا " .
فقال الوالي أرمانيوس : " لما تقول أنها صنعة الأيدي " , فقال الأب القديس بيجول : " إن النبي داود يقول في المزمور " إن آلهة الأمم ذهب وفضه صنعه الأيدي "
(مز135: 15) . فمن أجل ذلك أيها الوالي لا يحق لها السجود " . فأمر الوالي بغيظه الجنود أن يجلدوه ويودعوه السجن . فأخذه الجند بعد جلده ومضوا به إلي السجن وفيما هم سائرون به إذ بأعمى جالساً في السوق يتصدق . فلما قربوا منه قال له بعض الناس أيها الرجل إسأل ذلك الإنسان المساق إلي السجن واطلب منه شفاءك فهو قادر علي ذلك فلما سمع الأعمى هذا صرخ قائلاً : " أناديك بأسم إلهك العظيم أيها القديس أن تسأله عنى لينعم لي بنور البصيرة " . وبقي هكذا متشبثاً بالقديس , وازداد صياحاً . فتقدم إليه الأب القديس بيجول ورشمه بعلامة الصليب علي عينيه , وصلي إلي الله قائلاً :
" بأسم الآب والابن والروح القدس إله واحد .. أيها النور الحقيقي الذي يضئ لكل إنسان في العالم , يا من أتيت نوراً للبشر , أنعم علي عبدك المسكين هذا ليري نورك , وافتح عينيه ليبصر عجائب خليقتك , وليتمجد اسمك القدوس أمام هذه الجموع "
وما أن قال هذا حتي سقطت من عيني الأعمى غشاوة وانفتحت عيناه , فصرخ يمجد الله . فلما نظرت الجموع ما كان مجدوا الله وكثيرون آمنوا بإله الأب بيجول . أما الأب القديس فمضي مع الجنود إلي السجن وتبعه ذلك الإنسان الذي انفتحت عيناه . فلما عاين بقية القديسين الذين في السجن ذلك الإنسان مجدوا الله وتقووا وأحبوا سفك دمائهم من أجل اسم المسيح , وقضوا ليلتهم في تسبيح وتمجيد الله القدوس . ولما كان صباح اليوم التالي موافق اليوم الثالث من أمشير جلس أرمانيوس الوالي في ساحة الإسكندرية , وأمر بإحضار الأب بيجول إليه . فلما مثل أمامه قال له : " قد سمعت بالأمس كيف صنعت سحراً عظيماً في المدينة وفتحت عيني رجل أعمي , وآمن بك كثيرون من جهلاء القوم في المدينة , وعلي الرغم من ذلك , سأغفر لك كل ما فعلت إن سجدت للآلهة أمامي وبخرت لها "
فقال له الأب القديس : " إعلم أيها الوالي أنني لم أفعل سحراً بل توسلت إلي الله الرحوم القادر علي كل شئ الصانع كل الموجودات لينعم لذلك الرجل الأعمى بنور البصيرة وهكذا لم آتي بشئ من عندي ولم اصنع شئ بذاتي بل بنعمه الله أقدر علي كل شئ إذ أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوات العدو وكل شئ نفعله بأسمه يكون لنا , وأنني لست أحسب نفسي شيئاً حتي يؤمن بي جمع كهذا بل أن نعمه الله حركت قلوبهم فآمنوا به وليس بي وبأعمالي . وهكذا أيها الوالي نحن ندين بالولاء لإلهنا يـسـوع الـمسـيـح القادر علي كل شئ , ولست مستعد أن أخالف وصيته المقدسة التي تقول :
" للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( تث 6 : 13 ) , ( مت 4 : 10 ) . وأسجد لتلك المنحوتات أو أقدم لها البخور .
فصرخ الوالي في جنوده أن يعذبوه عذاباً شديداً , فهجم عليه جماعة من الجنود وتفننوا في تعذيبه بكل قواهم حتي رثي له جميع الواقفين . ورق قلبهم عليه من شده الآلام وبكوا من لأجله كثيراً . أما الأب القديس فكان يتحمل كل ذلك في صبر وشجاعة وكان يردد بأعلى صوته " إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي " ( مز 23 : 4 ) . " الرب نوري وخلاصي ممن أخاف الرب عاضد حياتي ممن أرتعب " ( مز 97 : 1 ) . " من سيفصلنا عن محبة المسيح . أشدة أم ضيق . أم اضطهاد . أم جوع أم عري . أم خطر . أم سيف . كما هو مكتوب أننا من أجلك نمات كل النهار ... ولكن في جميعها ليعظم انتصارنا بالذي أحبنا " ( رو 8 : 35 – 37 ) .
فلما رأي ذلك أعوان الوالي أشاروا عليه أن يكف عن تعذيبه ويمضوا به إلي السجن حتي يتشاوروا فيما بينهم عما يستطيعون أن يصنعوا به لأنه ساحر عظيم القوة . فأخذه الجنود وأودعوه السجن فقام جميع القديسين الذين بالسجن للقائه في عناق حار وقلب مشتعل بمحبة المسيح , ووقفوا يصلوا جميعاً شاكرين الله علي عنايته الفائقة بأحبائه المؤمنين به وروي لهم القديس ما كان من الوالي وكيف تمجد الله معه أمام الحاضرين .
وهكذا كل يوم كان الوالي يستدعيه من السجن ويتفنن في تعذيبه . وكان الله يتمجد معه ويقيمه من شدائده صحيحاً معافى من كل ضرر .
رؤية المسيح وأمجاد السماء
فيما كان الجنود يعذبوه تطلع إلي السماء وصلي إلي الله . وإذ هو يصلي رأي السماء مفتوحة أمامه وأراه الرب الموضع الذي سيذهب إليه وسمع صوت كالقيثارة يقول له
" افرح أيها الكاهن الأمين تشدد وتقوي فاليوم كتب اسمك في عداد الشهداء القديسين وستكون في موضع الأبرار إلي الأبد افرح أيها القس الشجاع الذي ثبت علي الأيمان اليوم ستدخل إلي الفرح المعد لك وتأخذ إكليل الجهاد علي اسمي وإكليل الكهنوت غير المضمحل ولن يمحى ذكرك إلي الأبد ها أنا معك لا تخف أنا أعينك " .
فتعجب الوالي من تحمل القديس لهذا العذاب لأن الرب كان يحمله عنه فعاد الوالي وأمر أن يوضع علي سرير من حديد ويؤتي بحجر كبير ويوضع فوق بطنه من باكر النهار حتي الساعة السادسة ثم عاد فأمر بأن يُعلق علي عامود مرتفع والحجر فوق بطنه مربوط ففعلوا كذلك ولم يبدي القديس أي علامة للألم إذ كان متهللاً بما رآه وسمعه . كان يتلو المزامير بقوة : " اشكروا الرب لأنه صالح وخير ولأن إلي الأبد رحمته " (مز 136 : 1 )
فاغتاظ الوالي منه جداً وأمر أعوانه أن يقطعوا الحبل لكي يقع فيسحقه الحجر علي الأرض ولكن بقوة إلهية تمجد الرب يـسـوع الـمـسـيـح إذ إنحل الحجر من علي بطنه ونزل علي الأرض قائماً علي قدميه ولم يصبه ألم , ووقع الحجر بعيداً .
فتعجب كل الحاضرين وهتفوا بتمجيد إله القس بيجول الذي نجاه من الموت الأكيد , وهكذا اندهش الوالي من ذلك المنظر العجيب الذي حدث وقال للأب القديس في هياج وثورة : " اسمع مني الآن لتخلص نفسك و إلا سآخذ رأسك بالسيف " . حينئذ تهلل الأب القديس بيجول وصرخ في الوالي أمام الجمع قائلاً :
" الآن قد كمل فرحي وتممت كهنوتي في أيامك فإن لي اليوم أربعين سنه أخدم الرب لأجل هذه الساعة " .
ثم جثا علي ركبتيه وبارك الله قائلاً :
" مبارك الرب الإله الذي جعلني مستحقاً لتلك الساعة ... مبارك أنت يا إلهي , يا من تعطينا فوق ما ندرك وأكثر مما نستحق مباركة هي تلك الساعة التي سأنضم فيها إلي آبائي , أسالك أيها الرب يسوع أن تقبل روحي ذبيحة حب علي مذبحك المقدس , وأكون قد أرضيتك في أيامي وأقف أمام منبر ابنك الوحيد بلا لوم وأسالك من أجل إخوتي الذين يكملون جهادهم علي اسمك القدوس أن تؤازرهم بنعمتك حتي يتمموا سعيهم ويرثوا الحياة الأبدية . ثم تلا الصلاة الربانية وتقدم إلي الوالي الذي أمر أن تؤخذ رأسه بحد السيف أمام الجميع وكان ذلك وقت الساعة التاسعة من النهار فتهلل القديس وبارك الله قائلاً :
" مبارك أنت يارب يامن أعطيتني أن أموت في ذات الساعة التي أسلمت فيها روحك علي الصليب وجعلتني مستحقاً لميراثك الأبدي " .
وتقدم إلي السياف الذي أخذ رأسه ونال إكليل الشهادة , وصعدت روحه الطاهرة إلي فردوس النعيم محمولة علي أيدي صفوف الملائكة القديسين
مواضيع مماثلة
» الشهيدان القديسان أنبا بانينا القس وأنبا باناو الشماس
» سيرة القديس الانبا ونس
» سيرة القديس متى المسكين
» القديس ابانوب المعترف
» القديس أباهور الراهب
» سيرة القديس الانبا ونس
» سيرة القديس متى المسكين
» القديس ابانوب المعترف
» القديس أباهور الراهب
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى